زوجي كان فقيراً فلما أغناه الله صار بخيلاً

 

السؤال

أنا امرأة متزوجة منذ 7سنوات تربيت على الجود والكرم والعطاء لكن ابتلاني الله بزوج فقير ساعدته ووقفت بجانبه أنا وأهلي الذين لم يبخلوا عنا أبدا. عملت المستحيل من أجله أعطيته الكثير وأنا صابرة على فقره. أقنعته بالسفر للخارج من أجل تحسين أوضاعنا وفعلا كان ذلك. تحملت وأهلي كل مستحقات السفر. وبعد أن بدأ العمل فتح الله عليه وحقق ما لم يكن يحلم به حمدنا الله على فرجه. لكن وقع ما لم أتوقعه أصبح زوجي يبخل علي بخلا شديدا ومقصر كثيرا في حقي وليس لي حق سوى الأكل والشرب وعندما أذكره بما فعلت من أجله يتحجج بأنه سافر من أجل تأمين المستقبل. وكأنني طلبت منه مال الدنيا. ندمت كل الندم على زواجي به وأصبحت حياتي معه لا تطاق لم أشعر يوما بقيمتي الغالية عنده رغم ما عملت من أجله. أحس بقهر وإحباط وظلم شديد. حتى مع أولاده نفس الشيء. فهل لي من حل. لم أتذكر يوما أنه أتاني بهدية بسيطة ودائما كنت أهديه وأعبر عن حبي لكن دون جدوى حتى دب الملل في حياتي وكرهت اليوم الذي عرفته فيه. ما يحز في نفسي أنني أنا من أوصلته إلى ما هو عليه بعد الله تعالى. فالرجاء إرشادي إلى حل إن كان هناك حل. وشكرا.

13-01-2010

الإجابة

الأخت الفاضلة /

أسأل الله العظيم أن يكتب لك أجر ما قدمت وأن لا يحرمك ثمرتك إحسانك.
أختي الفاضلة...
جميلة فيك هذه الأخلاق السامية (الجود والكرم والعطاء) والتي هي من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، ومن الأخلاق التي حرص الإسلام أشد الحرص على ترسيخها في نفوس المسلمين حتى في العهد المكي، وما ذلك إلاّ لعظم شأن خُلق الكرم والعطاء والبذل والجود.
ومن الجميل الحسن أن تقف الزوجة مع زوجها في كل شأنه تؤازره وتقوّي عزمه وتوقد عزيمته، وترتقي به ولا تزال حتى يبلغا سويّاً ما يأملانه ويطلبانه من سعادة الدنيا والآخرة.
الحياة الزوجية تبقى حياة ملؤها الودّ والرحمة والوفاء حين تكون حياة تفاعلية يتشارك في حلوها ومرّها الطرفان (الزوج والزوجة) وتدوم هذه الرحمة وهذا الودّ حين لا يكون الإحسان فيها إحساناً مرهوناً بالمقايضة والمبادلة، بل الإحسان فيها إحسان من أجل الإحسان - والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً - وهذه نقطة مهمة ينبغي أن يتنبه لها الزوجان، فلا يعطِ الزوج زوجته ولا يحسن إليها من أجل أن تبادله هذا الإحسان، وكذلك الزوجة لا تحسن إلى زوجها من أجل أن يعطيها أو يبادلها، لأن الحياة إذا قامت على المقايضة والمعاوضة حصل الخلاف والاختلاف وذلك نظراً للاختلاف الطبيعي في الأخلاق والتربية التي نشأ عليها كلٌّ من الزوج والزوجة، ونظراً للطبيعة التي فُطر عليها البشر من حب المال وحب كنزه وادخاره!!
ثم إن وصفك لزوجك بأنه (رجل بخيل) قد لا يُسلّم لك، لأني لا أعرف ما معيار البخل عندك الذي قستِ عليه زوجك!!
وطالما أن زوجك يوفّر لك ولأولادك - على أقل الأحوال - ما يكون به كفافك في المطعم والملبس فإنه بهذا يكون أدّى الحق الواجب في حدّه الأدنى، مع أن الأكمل والأفضل أن يوسّع الإنسان على نفسه وأهله وولده بما أنعم الله عليه من الرزق والخير من غير إسراف ولا مخيلة أو كبر، ولأن التوسيع على الأهل والأبناء مظهر من مظاهر التحديث بنعمة الله، والله تعالى يقول: "وأمّا بنعمة ربك فحدّث"
ولذلك أخيتي الفاضلة أوصيك:
- أن لا تقطعي إحسانك لزوجك بسبب ما تحسين به من (بخل زوجك)، بل استمري في إحسانك وعطاءك ونفسك لذلك منشرحة غير منقبضة وأنت تبتغين الأجر من الله، وثقي تماماً أن من يفعل المعروف والإحسان لابد يوماً وأن يجد ثمرة إحسانه ومعروفه.
لكن لا تعلّقي نفسك بحصول الثمرة بقدر ما تجعلين من الإحسان خلقا لك لا تتخلين عنه مهما أساء الآخرون إليك.

- اشعري زوجك أن الحياة بينك وبينه ليس حياة مقايضة ومعاوضة (كما أعطيتك تعطيني!!) بل اجعليه يشعر أن الحياة بينكما إنما هي حياة الحب، وذلك بالتعبير له عن حبك في كل فرصة ومناسبة، والابتكار في التغيير والتعبير عن الحب بالبسمة والهدية والرسالة، والتغيير في المأكل والمشرب ومكان النوم، وعدم المنّة عليه بمعروفك وإحسانك إليه... هذه الأمور تحقق لك نتيجة إيجابية في علاقتك مع زوجك، وتطيل من عمر الحب بينكما.

- بما أن الله فتح عليك وعلى زوجك من خيره وفضله اقترحي عليه أن تقوما أو تشاركا في برنامج خيري شكرا لله على فضله ونعمته، وذلك بكفالة يتيم، أو صدقة جارية على قريب أو صديق، أو إطعاماً لمسكين.. وغير ذلك من الأفكار الخيرية التي تزيد مالكما بركة، وتلين قلوبكما لأن الصدقة والمعروف لهما أثرا على النفس في تهذيب السلوك.

- لا تكثري على زوجك من الطلبات غير المهمة لك ولولدك ولبيتك، ولا تطلبي منه أن تكوني مثل (فلانة من الناس) أو غيرها، وإذا طلبت منه شيئاً فاطلبيه على سبيل من الحكمة في الطلب، كأن تقدمي بين يدي طلبك (بسمة هادئة، أو قبلة دافئة، أو همسة في أذنه صادقة) المهم أن يشعر بصدق مشاعرك تجاهه.

- لا تقيسي قيمتك عند زوجك بتجدد هدية أو ملبس أو عطر أو نحوه، فإن كل هذه قيم مادية، واعلمي أن قيمتك عند زوجك بإمكانك أنت أن تصنعيها، وذلك بحسن أدبك وخلقك وعشرتك وحبك لزوجك.

- عملتِ المستحيل من أجل أن تساعدي زوجك لتحسين وضعه المادي، وصبرتِ في ذلك على الغربة!
ألا ترين أن زوجك هو الآن أحوج إلى أن تعملي المستحيل وتصبرين عليه من أجل تحسين سلوكه وإصلاح خُلُقِه من غير يأس أو إحباط؟!
إن إصلاح المخبر والأخلاق أهم من الإصلاح المادي، لأن المال يزول، لكن الأخلاق تبقى وتزيد بالإصلاح والتهذيب والتزكية، فأعيني واصبري على زوجك في سبيل إصلاح سلوكه وخلقه.

- أكثري أخيتي من الدعاء والانطراح بين يدي الله جل وتعالى، واسأليه أن يرزقك وزوجك السعادة، إنه جل وتعالى يحب أن يسمع من عبده وأمته مناجاتهما له.
وإن حياة زوجية دامت (7 سنوات) - بورك لكم فيها - من الغبن أن تتفكك أواصرها من أجل مال إنما هو زينة وفتنة وربما يدوم أو يزول!!!
فالحياة الزوجية أسمى وأعلى من أن يكون المال هو مدار سعادتها!!

أسأل الله لك ولزوجك حياة زوجية سعيدة في ظل طاعة الرحمن.


13-01-2010

استشارات اخرى ضمن استشارات التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني