كبريائي .. دمّر حياتي !

بعد أن انتهينا من رحلة ماتعة أنا وزوجي وابنتي " رشا " وخادمتنا ( الهادئة ) ركبنا السيارة لنكمل بقيّة متعة هذه الرحلة في قضاء الطريق بأحاديث أقضيها أنا وزوجي أبادله ويبادلني . .
وفي لحظة ..  اختلفت مع زوجي في رأي ما !!
واحتدم النقاش . . وبعد الهدوء عصفت الرياح بضجيج الأصوات !!
هو لا يريد أن يتنازل عن رأيه كون أنه الرجل وله شخصيته كرجل !!
وأنا أصريت على رأيي كنوع من الانتصار للنفس ، وربطت الأمر بكونه إهانة لكرامتي !!

قضينا قرابة النصف ساعة في الطريق ونحن في صمت رهيب . . لا أحد يكلّم الاخر ، كان ينتظر منّي أن أقول له ( أعذرني ) . . وكنتُ اقاتل نفسي في داخلي أن لا ألين وأهين كرامتي !!

وصلنا البيت . .
أنزل زوجي الأغراض . . ساعدته الخادمة !!
بقي في غرفته ينتظر منّي أن ادخل عليه فأمسح النقطة التي عكّرت صفو رحلتي مع زوجي !!
لكنّي لم اكن أستطيع لإقاوم كبرياء نفسي !!

مرّ اليوم الأول والثاني والثالث . . والحال يزداد سوءاً وتشنّجاً . .
كل شيء يريده يطلبه من الخادمة . . حتى طلبات البيت وأغراضه يشتريها ليسلمها للخادمة !!

أعرف أن زوجي يكاد يحترق في داخله من هذا الحال ، ويتمنّى لو أن له نفساً أخرى تحطّم هذا الشبح الذي جثم عليه !!
وكذلك أنا . . أعاني مرّ الليالي .. وقسوة الأيام . . وأنا أتقلّب على فراش من جمر ( الكبرياء ) لا أريد ان أعتذر إليه ولو بنصف كلمة !!
لكن . . حدث ما لم يكن في الحسبان !!
زوجي وبحكم تعامله مع الخادمة في كل شأنه ، بدأت علاقته تقوى بهذه الخادمة !!
كنت أراه يضحك لها . . وربما مازحها !!
فرابني في نفسي شيء !!
استيقظت في ليلة من الليالي ( السود ) . . لأجد وكأن شبح زوجي يخرج من غرفة الخادمة ..
ركضت . .
دخلت على الخادمة . .
كلمتها ..
هددتها ..
صرخت في وجهها . .
فاعترفت لي بأن زوجها كان معها على ( اختلاء ) !!
وكانت هي تسقيه كأس ( الخمر ) الذي تأتي به من أحد بني جنسها !!

لم أكد أصدّق ما يحدث . .
في لحظات . . رجال الهيئة يداهمون المنزل .. ويقتادون الخادمة على أنها ( عضو ) في خليّة لصناعة وترويج الخمور !!

وقبض على زوجي معهم . .
حينها طلقني زوجي . .
خرج زوجي من البيت إلى السجن !!
وخرجت أنا إلى بيت أهلي وأنا أحمل على صدري صغيرتي " رشا " وبين أحشائي جنين ينبض بالحياة !!

تابعت أحوال زوجي ( طليقي ) تدهورت أحواله العملية والاجتماعية . . !!
ساءت أحواله في عمله .. وفُصل ..
تزوج من ثانية وثالثة ورابعة ولم ينجح . . !!

وبقيت أنا حبيسة بيت أهلي أهدهد بين حضني زهرتين من زهور الحياة !!

حينها . . شعرت بأنّي أنا القاتل والقتيل !!
يوم أن قتلت في زوجي " إنسانيته " بكبريائي !!
وقتلت طموح حياتي . . لمجرد أن لا أقول " كلمة " !!

: : : : * : : : : * : : : : : * : : : : * : : : : * : : : : :

التعليق :

قصّة قرأتها في مجلّة دورية ..  قد تكون ( رمزيّة ) وقد تكون ( واقعيّة ) . .
وأحداثها تحكي واقعاً ( ملموساً ) . .

كارثة يوم يعيش الزوجان في بيت واحد يفضي كل واحد منهما للآخر ما لا يمكن أن يفضيه لغيره ، ثم إن كل واحد منهما يشعر أن كرامته مستقلّة عن كرامة الطرف الآخر !!
إن كرامة الزوجة هي كرامة الزوج ، وكرامة الزوج هي كرامة الزوجة .. فلا معنى لسقوط الكرامة بين الزوجين عند الاعتذار ما دام أن كلا الطرفين يدرك أن طرفه الآخر يستحق أن يبذل له  نفيس أخلاقه !!


 جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة ؟ "
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال : " الودود الولود التي أن ظلمت أو ظلمت قالت هذه ناصيتي بيدك لا أذوق غمضا حتى ترضى " .

إنها الحياة التي تجعل من شخصين شخصاً واحدا وروحاً واحدة ونفسا واحدة . .

الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح