نظريّة الفستق

 

    كثير من أفكار هذه الزاوية أستمده من حديثي مع الناس.. فأنا بطبيعتي دائم "التفلسف" وإزعاج من حولي بسيل من المعلومات والقصص ذات العلاقة.. وحين أنتهي أقول لنفسي وأحياناً تقول لي زوجتي أو أحد أفراد عائلتي لماذا لا تكتبها كمقال..!؟
 
فقبل ثلاثة أشهر تقريباً كنت برفقة ابني فيصل (الذي لم يحصل على رخصة القيادة ومع هذا يصر على الجلوس في مقعد السائق).. وفي لحظة تهور استبق إشارة المرور بطريقة مرعبة فتداعت في رأسي احتمالات تعرضه لمشاكل كبيرة بل ومصيرية بسبب أخطاء بسيطة وغير متوقعة.. أنا على قناعة بأن حياتنا؛ كما يمكن أن تتغير بسبب قرارات كبيرة ومتوقعة ومخطط لها (كالزواج أو اختيار التخصص الجامعي) يمكنها أيضا أن تتغير وتنقلب رأساً على عقب بسبب لحظة تهور أو حادث مفاجئ أو نتيجة لم نخطط لها (كحادث مروري أو سوء تفاهم أو فورة غضب).
 
لم أحاول نصحه بل سألته: فيصل هل سمعت بنظرية الفستق؟ استغرب وجود نظرية بهذا الاسم فقال: لا. قلت: أكيد لم تسمع بها؛ لأنها خطرت على بالي للتو.. توقع سماع فكرة جديدة فابتسم وقال: لن أفعلها مجدداً؛ ولكن ماهي على أي حال؟ قلت:
 
تخيل أنني أرسلتك ذات يوم لشراء بعض الفستق (كما أفعل بين الحين والآخر).. وأثناء قيادتك للسيارة دخلت في تحدّ مع شاب بقربك انتهى بحادث صغير.. وفور نزولكما دخلتما في عراك انتهى بارتطام رأسه بطرف الرصيف ودخوله في غيبوبة طويلة.. وبعد حضور رجال الأمن تم اعتقالك بتهمة الاعتداء على أحد المواطنين والتسبب له بضرر دائم.. وبعد ثلاثة أسابيع قضاها الرجل في غيبوبة (وقضيتها أنت رهن الاعتقال) توفي في العناية المركزة فدخلت أنت في قضية أكبر.. وبعد أشهر من تداول قضيتك في المحكمة حكم عليك القاضي بالقتل غير العمد (وربما العمد كونك أوقفت الرجل عنوة لتدخل معه في عراك).. وبعد إصدار الحكم اتضح أن الضحية كان متزوجاً حديثاً وأن له طفلاً يبلغ من العمر ستة أشهر.. ولهذا السبب يأمر القاضي بتعليق الحكم حتى يكبر الطفل ويبلغ سن الرشد ليتم تخييره بين التنازل عنك أو الحكم عليك.. وهكذا ستقضي زهرة شبابك في السجن معلقاً بأمل ضعيف وتضيع عليك فرصة دخول كلية الطب والزواج وتكوين أسرة سعيدة.. وفوق كل هذا قد لا يتنازل الطفل حين يصبح شاباً وتصبح أنت عجوزاً.. وكان أصل الحكاية مجرد... "فستق" !ابتسم ابتسامة من استوعب الدرس؛ ولكنه لم يقل شيئاً هذه المرة.
 
أما المغزى الذي كنت أحاول إيصاله (وأرجو منكم إيصاله لأبنائكم) فهو أن حياتنا هشة ومستقبلنا قد يضيع في أي لحظة بسبب فعل متهور أو قرار غاضب يصعب التراجع عنه أو تداركه بعد وقوعه.. واليوم كلما استأذنني فيصل للخروج من المنزل أقول له جملة لا يعرف مغزاها سوانا: "لا تنسى نظرية الفستق"!
 
فيبتسم ويقول "حاضر".. وفي آخر مرة قال: "حاضر؛ وياليت تكتبها كمقال".
 
 * منقول

الكاتب : فهد عامر الأحمدي
 17-01-2016  |  5055 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني