البرّ بوالدتي .. غيّر حياتي
 السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
اسمي : سعيد  . شاب مغربي [ 28 ] سنة .
ما سأرويه  في السطور التالية  .. هو نقطة التحول التي وقعت لي في حياتي..
الحمد لله في فبراير من سنة 2009 إبتلانا الله بمرض أمي الغالية بشلل نصفي جهة اليمين نتيجة نزيف دماغي ، في الوقت الذي كانت فيه أختي تستعد للذهاب عند زوجها للخارج . و لكن عند رؤيتها لحال أمي أرادت المسكينة أن تتخلى عن زواجها و البقاء في المغرب لرعاية أمي و الإهتمام بها و بالبيت ؛ و لكنّي فكرت بعقلانية  وبعقلية القوامة فوجدت أنه من الواجب عليّ ترك عملي و كل أحلامي المستقبلية جانبا في سبيل رعاية أمي والبيت ، وفي سبيل سعادة أختي و الإطمئنان على مستقبلها و بناء حياتها الخاصة مع زوجها..
 
وباعتباري مازلت شابا أستطيع في أي سن أن أبدأ حياة عملية جديدة و أحقق أحلامي وأتزوج... وهذا ما وقع بالفعل  . 
ذهبت أختي عند زوجها و أصبحت أنا من يهتم بأمي ويرعاها من كل الجوانب بداية من نظافتها و ترويضها إلى رعايتها الطبية و النفسية ؛ وأصبحت أنا من يهتم بكل شؤون البيت من طبخ ، وتنظيف ، وغسل و كل الأمور الخارجية والداخلية للبيت مع العمل أحيانا في بعض الأمور كالإصلاحات لتوفير بعض المال لي لكي لا أكون عالة على والدي وأسرتي..
 
بصراحة تعلمت الكثير من الأمور في هذه التجربة و التي مازالت مستمرة لحد الآن.وعرفت قيمة الأم والمرأة في البيت ؛ وعرفت حقيقة بعض أفراد العائلة والأصدقاء في ظروف الشدة والعسر ، وبعض العقليات المادية الخطيرة التي تنصحني بأخد أمي لدار للعجزة و بناء مستقبلي  !!!
 
و الحمد لله و منذ ذلك الوقت تغيرت عقليتي من  الاستهتار ، واللامبالاة و فساد الأخلاق؛ إلى روح المسؤولية تجاه الله والأسرة ، وتغيرت نظرتي للحياة والمجتمع ، وأصبح كل وقتي لربي وأمي وأبي و لنعمة بر الوالدين التي أنعم الله عليّ بها..
 
ما كتبته في هذه الأسطر ليس منّاً أو رياءً على ربي وأمي وأسرتي أوعليكم بقدر ما هو تذكير لي و لكم جميعا  :  أن رمي المسؤولية الكاملة على الأم قد يعرضها لضغوط كثيرة و قد تفقد صحتها و صبرها بسرعة و يكفي أنها هي من حملت و أنجبت و أرضعت و ربّت و سهرت الليالي من أجلنا و من أجل مستقبلنا .
 
شخصيا فخور بما أفعل ، وفخور برعاية من جعلت منّي رجلا  ، وفخور كوني أصبحت قدوةً لأصدقائي و شباب عائلتي والجيران ، والذين تغيرت معاملاتهم لأمهاتهم للأفضل نتيجة رؤيتهم لبري بأمي. 
 
نحن كشباب مسلم وواع و متحضر و متعلم وجب علينا أن نحاول دائما مساعدة أمهاتنا في البيت لأنه ليس من العيب بل من الرجولة والقوامة أن نتكلف و نتحمل مسؤوليات داخل البيت من شأنها رفع حس المسؤولية ، وتقوية الشخصية داخل الأسرة والمجتمع. كالمساعدة في التنظيف والطبخ أوغسل الأواني أوترتيب الغرف ، والقيام بكل الأعمال الخارجية للبيت كالتبضع و غيرها. 
 
جميل أن نحاول دائما مفاجأة الأم بهدية و تخصيص وقت للخروج للنزهة معها لكي نزيدها تفاؤلا في الحياة والعطاء .
وما أقوله لكم نابع من تجربتي التي أعيشها حاليا و أقسم لكم أن أصعب شيء في الحياة الأسرية هو حمل مسؤولية الأسرة بأكملها بدون مساعدة أحد أو شكر أو إهتمام.
 
أختم قولي بآية كلما أحسست بصعوبة المسؤولية أوالملل أتذكرها فيزيد بري و تعلقي بما أفعل :
يقول تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ  . أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ) [ سورة الأحقاف : 15 - 16 ] 
الكاتب : ناصح