( 10 ) محطّات في طريق رحلة الحج ( الزوجيّة )


نعيش هذه الأيام ، أجمل أيام الدنيا وأفضلها وأعظمها ، وأحبّ ما يكون العمل فيها إلى الله في مثل هذه الأيام . .

عشرة أيام . .  أعظم وأجلّ ما يكون فيها من عمل ( حج بيت الله الحرام ) لمن استطاع إليه سبيلا .

 وإن من أجمل ما ينمّي ويزيد بين الزوجين الودّ والحب ( السّفر ) . .

وأجمل ما يكون السّفر حين يكون سفراً إلى بيت الله استجابة لنداء الخليل عليه السلام إذ أمره الله " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ "[الحج : 27]

وقد صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم اصطحب زوجاته معه في حجّة الوداع ، يعلّمهنّ أمر دينهنّ ، ويعلّم الأمة من بعده روعة العلاقة التي تكون بين الزوجين حين يكونان في رحلة مباركة كرحلة الحج .

 رحلة الحج ( الزوجيّة )  تعني . .

 1 -  أن تُبادرا لهذه الرحلة قبل ورودها بالتصافي والتسامح بين الزوجين  ، والأيام التي تسبق أيّأم مناسك الحج فرصة للتصافي والتسامح بين الزوجين . .  فقط استحضرا معنى ( رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ).

 2 - فرصة للتثقف ، والتعلّم والقراءة مع بعضهما فيما يتعلق بأحكام الحجّ ، وآدابه ليقضيا رحلتهما على نور وبصيرة .
 
3 - تعلّم الزوجين الانضباط ( الشعوري العاطفي والغريزي ) فيما يكون بينهما . ففي  حال التلبّس بالإحرام ( لا رفث ) . وهذا الضبط يعلّمنا قيمة ( الانضباط الشعوري ) في حياتنا وعلاقاتنا.

 4 - تزيد من القرب والتقارب بين الزوجين . وتُظهر مشاعر التواسي والتعاطف على بعضهما .
تحدّثنا السيرة النبوية في رحلة الحج  عن تعاطف النبي صلى الله عليه وسلم مع عائشة حين بكت وقالت : يرجع الناس بحجّ وعمرة وأرجع بحجّة ، فأمر أخوها أن يخرج بها إلى التنعيم ثم تعود إلى الحرم وتطوف وتسعى للعمرة .

 5 - التشارك والتعاون الإيماني بين الزوجين في عبادة من أعظم العبادات  ، يكون لها أثر في تنزّل الرحمات عليهما . فللطاعة أثر في تقارب القلوب وتآلفها .

 6 - فرصة لهما أن يقفا مواقف إجابة الدعاء ويستحضران الدعاء لبعضهما ويتنافسان في ذلك .
 ومواطن الدّعاء هي أحد أهم مواطن صناعة التغيير ، ومنعطفات التحسّن والتحسين . وفي ذلك تنبيه إلى عدم إغفال هذه المواطن واستثمارها بروح مقبلة وقلب حاضر .

 7 - حتى العلاقة الخاصة بينهما لها لذّتها الخاصّة ، وهما يترقّبان ( التحلّل ) من أعمال يوم النّحر .
 فالعلاقة بروح [ الشوق والاشتياق ] والفرح بالطاعة تختلف في شعورها عن غيرها من الأوقات .
 
 8 -  تأمّلا في موقف الحج العظيم  معنى تعظيم الحقوق والواجبات سيما فيما يكون بينكما كزوجين :
 - ( فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ )
 - ( وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) .
 - ( وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ ) .
 فهي رحلة تعظيم وتذكير . . وجدير بالزوجين وهما في رحلة الحجّ أن يعظّما هذه الشعائر والأوامر والوصايا التي جاء بها الوحي .
 
 9 - وحين تطوفان بالكعبة ، وعند رمي الجمرات .. جدير بـ ( الأب ) أن يستشعر  مشاعر ( الأبوّة ) ومعنى حسن التربية وهو يتذكّر عند المقام ، مقام إبراهيم عليه السلام في بناء البيت ومساعدة إسماعيل عليه السلام له .  فيكون ذلك دافعا له لحسن التربية وبداية حياة جديدة  في العلاقة مع الأبناء .

10- إذا وقفتِ على الصفا تذكّري مشاعر ( الأمومة ) وانت تستشعرين ركض ( هاجر ) عليها السلام تبحث عن الطعام لابنها الرضيع .
 هي لحظات جميلة أن تتزوّد ( الأم ) على جبل الصفا بمشاعر الأمومة  .

 فإذا قضيتما حجّكما . .
 وودّعتما بدمع الشوق هذاالبيت العتيق . .
 عيشا معاً معنى ( الميلاد الجديد ) .
 " مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ  "

الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح