القواعد القرآنيّة .. لحياة زوجيّة طيبة ( 2 )

 

 " هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ  وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ "

 الآية اشتملت على قاعدة ( لطيفة ) من قواعد السعادة الزوجية والحياة الطيّبة بينهما .
 فاشتملت على ما يجمل به ( الحس ) وتجمُل به ( النفس ) .
 فهي قاعدة حسيّة نفسيّة . .
 وفيها من المعاني :


 1 - أن اللباس ( حاجة ) ضروريّة للانسان .
 وكذلك الرجل والمرأة - والزوجان حصوصاً - كل طرف بحاجة إلى الآخر ، ولا تكمل حياة طرف بدون الطرف الآخر .
 فالرجل محتاج إلى المرأة لتكون له ( سكناً ) والمرأة بحاجة إلى الرجل ليكون لها ( سنداً ) .
 وهذا من الجمال  النفسي : ( وجود الحاجة بين الطرفين لبعضهما ) . والذي ينعكس أثره على الحسّ والسلوك .
 فمما يهذّب ( سلوك ) كل طرف تجاه الطرف الآخر .. استشعاره بأن له في شريكه حاجة .

 2 - الخصوصيّة .
 فعادة اللباس أن يكون خاصّاً بصاحبه .. وهكذا العلاقة الزوجية في الإسلام هي علاقة  ( خاصة ) بطرفين ( زوج وزوجة )  ، وهذا مما يميّز علاقة الزواج عن العلاقات الأخرى .
 فالزوجة تختص بزوجها لا تنظر إلى غيره . والزوج يختص بزوجته لا ينظر إلى غيرها ، فذلك مما يديم بينهما الودّ والحياة الطيّبة .

 3 - السّتر .
 فجمال اللباس أن يكون ساتراً   ؛ وحين لا يكون اللباس ساتراً فإنه يجلب لصاحبه العيب والمذمّة والريبة .
 وهكذا تجمل الحياة بين الزوجين حين تكون العلاقة بينهما علاقة ( ستر ) .. فإن كل طرف في العلاقة الزوجية ينكشف للطرف الآخر ما لا يمكن أن ينكشف به لغيره .. ولذلك يظهر لكل طرف ( سرّ ) الطرف الآخر . ولذلك من أدب العلاقة بين الزوجين أن لا يفشي أي طرف سرّ الطرف الآخر مهما كانت الظروف ..
 فمن الستر المطلوب بين الزوجين :
 - عدم التحديث بما يكون بينهما في العلاقة الخاصة .
 - عدم فضح كل طرف للطرف الآخر عند الآخرين في لحظة الخلاف والمشكلة أو حتى عند الطلاق .
 
 4 - النظافة والزينة والتجمّل .
 فإن من أخصّ معاني اللباس وجماله أن يكون ( نظيفاً ) ( جميلاً ) طيب الرائحة .
 وهذا مما تقلّ العناية به عند بعض الأزواج ( رجالاً ونساءً ) حسن التنظّف والأخذ بسنن الفطرة والتجمّل وتزيّن كل طرف للطرف الآخر .
 النظافة والزينة والتجمّل عامل من عوامل زيادة الألفة بين الزوجين .. وإهمال ذلك يسبب النفور بينهما !

 5 -  الوقاية .
 فلا يكفي في جمال اللباس أن يكون ساتراً حتى يكون واقياً . فلباس لا يقيك الحر ولا البرد يقلل في النفس الرغبة فيه ويزهّد النفس عنه
 وهذا معنى لطيف يشير إليه القرآن باستخدام هذا اللفظ ( لباس ) . ..  فإن من غاية مقاصد النّكاح أن ( يقي ) كل شريك شريكه من الوقوع في المحظور ، وذلك من خلال ( إشباع ) حاجته الغريزيّة والعاطفيّة .
 وفي هذا تأديب للزوجين أن يهتم كل زوج بهذاالمعنى . أن يُشبع كل شريك شريكه وأن لا يعجل حاجته وأن لا يكون أنانيّاً في قضاء وطره .
 فإن ( الأنانيّة ) لا تقي من غوائل الفتنة سيما في زمن أقرب ما تكون فيه الفتنة إلى المرء .

 6 - جمال الطلب .
 وهذا من لطيف القرآن في هذا التعبير القرآن ( هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ  وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ ) .
 فإن مما يزيد المتعة واللذّة بين الزوجين - سيما في العلاقة الخاصّة بينهما - أن يكون الرجل هو الذي يبتدئ طلب المرأة .
 وفي هذا مراعاة لطبيعة المرأة وفطرة ( الحياء ) فيها .
 وطلب الرجل للمرأة يزيد في المرأة حسن ثقتها بنفسها . .
 ويمنحها شعوراً بالقبول . .
 وييد من الشعور بالودّ بينهما . .
 وهذاالمعنى يفهم من تقديم الله تعالى قوله ( هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ ) على قوله : ( وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ ) .
 

 

الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح