كيف تصلحين بين والديك ؟!

 

 
لمحت سلمى أمارات حزن واضحة في وجه شقيقتها فاطمة ؛ فاقتربت منها بلطف ووضعت يدها على كتفها بحنان وهي تقول لها : ما لي أراك حزينة يا فاطمة ؟
ردت فاطمة وهي تخفض رأسها : لا شيء ، لا شيء يحزنني .
قالت سلمى في مودة وهي تبتسم : أو تحسبين أنك تستطيعين أن تـخفي عني مشاعرك الحزينة ؟ هيا أخبريني بما يحزنك ؟
ردت فاطمة : ألست حزينة مثلي بسبب الخلافات الدائمة بين أمنا وأبينا ؟
صمتت سلمى وقد غابت ابتسامتها عن وجهها ثم قالت : بلى ، إن شجاراتهما متواصلة ، لقد تعبنا منها .. وأحسب أنهما تعبا منها كذلك .
سألت فاطمة بحماسة : ألا يمكننا أن نفعل شيئاً من أجل أن نوقف هذه الشجارات .. أو نخفف منها على الأقل ؟
قالت سلمى : تعالي نفكر في ما يمكننا أن نفعله من أجل ذلك .
مرت الدقائق على الأختين وهما تفكران . كانت كل منهما تنظر في صاحبتها ثم ترفع نظرها عنها . وفجأة صاحت سلمى : وجدتها !
ردت فاطمة فرحة : هيا قولي بسرعة .
قالت سلمي : نذهب إلى أمنا ونسألها أن تحدثنا عن الأيام السعيدة التي عاشتها مع أبينا ، ونستذكرها الكلمات الجميلة التي سمعتها منه وتركت في نفسها أثراً طيباً .
سألت فاطمة : وبعد ذلك ؟
واصلت سلمى : نذهب إلى أبينا ونقول له : كم تحبك أمي ! ثم نحكي له ما ذكرته أمي عن أيامها السعيدة معه ، والكلمات الجميلة التي سمعتها منه لنؤكد له أنها ما زالت تحبه .
قالت فاطمة : ونسأل والدي أيضاً عن الكلمات الجميلة التي سمعها من أمي وأثرت فيه وعن ذكرياته السعيدة معها لننقلها إلى أمي ونحن نقول لها : يبدو أن والدي يحبك أكثر مما تحبينه .
قالت سلمى : لقد فهمت الخطة تماماً يا فاطمة .
لكن فاطمة تساءلت قائلة : أخشى أننا نكذب بمبالغتنا في نقل كلام كل منهما إلى الآخر !
ردت سلمى : ليس هذا كذباً محرماً ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيراً ويقول خيراً )) ( متفق عليه ) ونحن نصلح بين أحب إنسانين إلينا : أمنا وأبينا .
قالت فاطمة : لنبدأ تنفيذ الخطة على الفور .. هيا بنا إلى غرفة أمي .
 
O O O
 
نجحت الشقيقتان في تنفيذ خطتهما نجاحاً فاق توقعاتهما إذ وفقهما الله تعالى إلى التأليف بين والديهما إلى الحد الذي صار فيه كل منهما يبكي بدموع غزيرة حتى أيقنت سلمى وفاطمة أن كلاً من أبيهما وأمهما يحمل في قلبه حباً كبيراً لصاحبه ؛ لكن الشيطان الرجيم كان ينجح كثيراً في إثارة النزاع بينهما مرة بعد مرة ، ولهذا عزمت الشقيقتان على التصدي لإبليس دائماً ليبقى والداهما متفقين متحابين .
وإني لأرجو من كل فتاة أن تـفعل مثل ما فعلته سلمى وفاطمة ؛ فتتعاون مع شقيقتها أو شقيقها ، أو تفعل هذا وحدها إن لم يكن لها أشقاء أو شقيقات ، بعد أن تدعو الله تعالى أن يوفقها في عملية الإصلاح بين والديها وهي تستحضر ثلاث ثمرات مهمة تحققها بعون الله ، وهي :
إنها بإصلاحها بيـن والديها تقوم بعمل جليل عظيم ، يقول الله تعالى : ( لا خيـر في كثيـر من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) [ النساء 114 ] وقال سبحانـه : (  والصلح خير ) [ النساء 128  ] وقال عز وجل : (  فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) [ الأنفال : 1 ] .
وفي الحديث المتفق عليه يقول صلى الله عليه وسلم : (( كل يـوم تطلع فيه الشمس : تعدل بين الاثنين صدقة )) ومعنى (( تعدل بينهما )) أي تصلح بينهما بالعدل .
إنها بإصلاحها بينهما تغلب الشيطان الذي أعظم غاية عنده هي التفريق بين الزوجين كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه .
تضمن لنفسها ولإخوتها وأخواتها أن يعيشوا وينشؤوا في أسرة هانئة سعيدة مستقرة .
 
وفقك الله يا ابنتي في الإصلاح بين والديك .
 

الكاتب : محمد رشيد العويد
 10-08-2015  |  3867 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني