لماذا لا يعتذر الرجل ؟!

 

لماذا لا يعتذر الرجل ؟!

في خبر طريف ظريف . .

أن الزوج ( إيهاب ) حصلت بينه وبين زوجته ( ريهام ) مشادة كلامية على إثرها طلبت الزوجة ( ريهام ) الانفصال !!
وعللت الزوجة طلبها للإنفصال بأن زوجها جرح مشاعرها أمام اسرتها وطفليها !!

ما كان من الزوج ( إيهاب ) إلاّ أن كتب لوحة اعتذار طولها ( 12 ) مترا وعرضها ( 7 ) أمتار ورفعها في الحيّ الذي يسكن فيه بمساعدة بعض العمّال .. !!

وقد علّل فعله ذلك بقوله "زي ما أنا زعلتها أمام عائلتها، قلت لازم أعتذر لها بس أمام الملايين". !
وبعد "حفل الاعتذار العلني" استقبلت ( ريهام ) زوجها بعبارة واحدة: "أنا مش محتاجة كل ده، بس أوعدني ما تعملش كده تاني".

حقيقة ..
استوقفني هذا السلوك .. وهذه الشجاعة التي دافعها ( الشعور بأهمية هذه العلاقة والرابطة ) بين الزوج وزوجته !!
إنه يبذل مالا يتوقعه الناس ... من أجل أن يحافظ على بيته !!
وفرق بين من يبذل ما لا يتوقّعه الآخرون ..
وبين من يتصرّف من خلال ما يطلبه منه الآخرون . .
أو من خشية نظر الآخرين !

السؤال الأهم هنا : لماذا لا يعتذر الرجل من زوجته إذا أخطاً ؟!
وهل حقاً أن الرجل لا يعتذر ؟!

أخذت فرصة للبحث والتفكير . . .
هل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم موقفاً يجلّي لنا أنه كان يعتذر من زوجاته ؟!
حتى وقعت على موقف ذكره الطبراني في المعجم الأوسط وابو يعلى في مصنفه عن صفية بنت حيي رضي الله عنها تقول : ما رأيت أحدا أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد رأيته وقد ركب بي من خيبر على عجز ناقته ليلاً فجعلت أنعس فيضرب راسي مؤخرة الرحل فيمسّني بيده ، ويقول : " يا هذه مهلا يا بنت حيي مهلاً " حتى إذا جاء الصهباء قال : " أما إني أعتذر إليك يا صفية مما صنعت بقومك إنهم قالوا لي كذا وقالو لي كذا " .

صلى عليك الله يا خير من وطئ الثرى ..
إنه يعتذر لزوجته صفية رضي الله عنها ليس لخطأ ارتكبه في حقها!!
إنما يعتذر لها تطييباً لخاطرها وإيناساً لها مما قد يقع في نفسها من غزو النبي صلى الله عليه وسلم لقومها في وقعة ( خيبر ).

إنه موقف لا تملك إلاّ أن ترخي عنده جفن الإجلال . ويهتف قلبك قبل لسانك بالصلاة على النبي الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .

إذن ماذا يقول كل رجل .. ظنّ - أو لا يزال - أن اعتذاره لزوجته فيه نقص لهيبة رجولته ؟!
وهل رجل أعظم واجلّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

ومع ذلك .. يخاطب زوجته في حنان ورحمة وعطف ( أما إني أعتذر إليك يا صفيّة)
يقدّم بين يدي اعتذاره بأسلوب فيه التحنّن والتراحم ( أما إنّي)
ثم يسميها باسمها ( يا صفيّة) ..

يالله ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعتذر من زوجته ؟!
إلاّ أنه قلب الزوج الرحيم بزوجته .

نشأ البعض من الناس وتربّوا على أن الاعتذار ( ضعف) !
فلا تجده يكاد يعتذر عند خطأه .. بل يكابر ويستكبر . . ولربما طغى فحوّل خطأه إلى أنه هو الصواب !

ومشكلة البعض أنه نشأ في بيئة أوورث موروثاً ( تربويّاً ) من بيئته أنه لم يكن يرى والده يعتذر لأمه !!
و الطفل الصغير في بعض المواقف يستطيع أن يفرّق في الخصومة بين أبويه حين تحصل من هو المخطئ ومن هو المظلوم ؟!
ومع ذلك .. هو لا يرى ( ثقافة الاعتذار ) بين أبويه !
هو - ربما - يرى ان أمه هي التي تبادر بالاعتذار دوماً ... حتى لو لم تكن هي المخطئة !
-
وتصرف الأم هنا تصرف إيجابيّ .. -
لكن المشكلة أن الطفل يستطيع أن يفكّر ولربما يسأل نفسه بين حين وآخر : لماذا لا يعتذر أبي عندما يخطئ ؟!
فتترسّخ في ( ذهنيّة ) الأجيال .. أن الاعتذار هو سلوك ( النساء ) !!
وينشأ الطفل على هذا الموروث المعوجّ .. وتبدأ الأجيال تتوارث هذا السّلوك !


إننا بحاجة - سيما في محيط الأزواج - أن نتعلّم ثقافة الاعتذار .. وأن تسود بيننا هذه الثقافة لتنشأ الأجيال على صورة من الاستقامة في سلوكها ومفاهيمها .

عندما تخطئ .. وتنازعك نفسك أن لا تعتذر لزوجتك .. فليس شرطاً أن لا يكون للإعتذار إلاّ أن تقف بين يديها منكسر الجناح ثم تردّد في خجل ( اعذريني ) !!
تستيطع أن تعتذر بـ :

1 - أن تتجنّب كل ما يحوجك إلى الاعتذار !

فلا تغضب . .
وإن غضبت فلا تجعل سلوكك يتجاوب مع مشاعر الغضب !



2 - اللمسة الحانية .. والبسمة الدافئة ... والبشرى للزوجة .

فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما كانت حادثة الإفك واصابه ماأصابه قال لعائشة - وهو القلب الرحيم - " يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فاستغفري " !
إنه يعلم كم كان وقع هذا الكلام شديداً على نفس زوجته الطاهرة .. وهو لم يقل ذلك يتقصّد إيذاءها .. إنما كان يبحث عن ما يكون فيه مخرجاً لما يعتور في نفسه من الهمّ والغم ..
والنبي صلى الله عليه وسلم يدرك شعور زوجته ووقع كلامه على نفسها إذ تنزل براءتها من السماء .. فيضحك ويسرع بالبشارة لزوجه .. " يا ‘ائشة أبشري أمّا الله فقد برّأك " !
إنه لم يقل لها ( نزلت براءتك) !!
إنما ابتسم بعدما سرّي عنه ثم قال لها ( أبشري ) .. يطيّب خاطرها بأن ينقل لها البشرى ..
ثم يقول لها ( أمّا الله فقد برّاك ) تعظيماً لها وتشريفاً ... ولم يقل ( أن الله أنزل عليّ براءتك) !!

ما أعظمك يا رسو الله .

فعندما تخطئ .. اقتنص فرصة هدوء .. وتلمّس زوجتك بلمسات حانيّة ..
حاول أن تصنع فرصة ( بشرى ) لتبشّرها بأمر تشتاق هي إليه ..
تستطيع أن تبشّرها بأنك قد كتبت لها سهماً في وقف خيري .. أو أنك سجّلت لها عضويّة في ناد نسائي أو دورة تدريبية أو ما شابه ذلك ..
او تبشّرها بأنك قد قررت تغيير ( شقة السكن ) أو ( أثاث البيت) .....
المهم أن تتخيّر لها أمراً تهفو إليه نفسها .. كما كانت نفس عائشة رضي الله عنها تهفو إلى البراءة !


3 - تحاور معها بهدوء ...

وقل لها في نهاية الحوار ( معك حق) !

4 - خذها في نزهة ( غير عاديّة ) !

إلى عمرة أو حج ..
أو نزهة تجمعك وإيّاها فقط . .
احرص .. على أن تكون رحلة ( غير عاديّة ) .



5 - اكتب لها رسالة . .

ارسلها على هاتفها أو ( بريدها الالكتروني) ..
او ضعها ورقة على سرير النوم قبل أن تغادر بيتك ..
واكتب لها فيها اجمل عبارات الاعتذار .



6 - قبّلها ..!!

فإن للقبلة أثر الشمس على الجليد . .
إن كل المشكلات . .
وكل الأخطاء ..
تذوب . . عند التقاء القبلات ..
عندما تشعر أنك أخطأت . . لا تكابر ..
أقبل وقبّل .

إن من المهم . . أن تُدرك الزوجة أن اعتذار الرجل يمرّ بمراحل نفسيّة عصيبة . . !!
سارعي إلى قبول اعتذار زوجك . .
شاركي زوجك في صناعة هذه الثقافة في شخصيته . .
بقبول اعتذاره ..
بل وملاحظة اعتذاره ..
فإن اعتذار الرجل يحتاج منك - في بعض المواقف - أن تلاحظيه لا أن تنتظريه !!

 

  !

الكاتب : منير فرحان الصالح
 23-01-2010  |  9849 مشاهدة

مواضيع اخرى ضمن  العلاقات النفسية والعاطفية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني