صديقي أغواه الشيطان

 

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.. تحية طيبة وبعد محدثكمـ يدرس في المرحلة الثانوية ابلغ من العمر (17) سنة. كنتُ في الفصل وبالضبط الحصة الأولى وكان صديقي الذي يجلس أمامي.. ليس بحالته الطبيعية اسود العينيين ويفكر كثيراً, سألته في منتصف الحصة.. فلان ما بك؟! فسكت، وجلست معه حصتان تقريباً وقال لي قصته التي يقول فيها: لدي أبناء خالتي عددهم 5.. ومنهم شخص في الصف الثاني ورزقه الله بالجمال العجيب ما شاء الله وأنا شخص محافظ على صلواتي.. وعباداتي ولست من النوع المفرط بالذنوب. في احد الأيام أتت إلينا خالتي ومعها ابنها الصغير وكنت جالس في مجلس الرجال.. وأفكر والشيطان معي ودخل علي ابن خالتي.. والشيطان معي، أغواني الشيطان وأنا واللهِ لا أفكر ولا أتخيل أنني سأفعلها... أغواني الشيطاني.. وأقنعني بفكرة أنني استدرجه بطريقة لا يفهمها بما أنه بسن صغير. المهم ولله الحمد لم أمسه بضر.. ولكن المفاجأة؛ أنه في هذه اللحظة دخلت (أمي).. تفاجأت، وأنا أكثر أيقظتني من غفلتي ورأيت نفسي في حاله لا أتخيل أن أكون بها. ابن خالتي ذهب مسرعاً.. وأخذت تضرب أمي بغير تفكير وأنا لا اعلم ماذا كنت أفكر به.. خرجت وفي هذه اللحظة كدتُ أوذي نفسي من الندم ذهبت خالتي وأمي لا تكلمني من المفاجأة التي رأتها.. ذهبت لغرفتي.. ولم انم أذن الفجر، صليت.. أتى وقت الذهاب للمدرسة، وبالعادة أن أمي تأتي لتوقظني.. ولكن تفاجأت أنها لم تأتِ.. ذهبت وأنا أفكر بعشرين فكرة في نفس اللحظة، ورأسي يؤلمني وكل جزء من أجزاء جسمي ينتفض, وها أنا أمامك.. وترا التعب في وجهي، وأحلف لك أني لم انم ولا ثانيه واحدة.. بل لم أقف عن التفكير جزء من الثانية طول الليل.. فما رأيك وماذا تشير علي؟ أنا تفاجأت.. الرجل يعرف عنه الخير، ولا يتوقع منه هذه الفعلة واحمد الله انه لم يمسه بضر ودخلت أمه في الوقت المناسب، ولكن.. أخذت أعاتبه على فعلته وهو يبكي ويقول بالعامية (ما فضفضت لك عشان تعاتبني) وعدته بأني سأستشير عدداً من المختصين وسأتيه غداً بالحل لهذه المشكلة.. فأسأل الله أن يجزيك خير.. ويكتب أجرك، وأتمنى الاستعجال بالرد. وشكراً

04-02-2010

الإجابة

الأخ الفاضل / عبد الرحمن..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أسأل الله العظيم أن يقبل توبة صاحبك وأن يرزقه الأوبة والإنابة إليه في ذل وخشوع وخضوع..
واسمح لي أن أخاطب صاحبك بكلماتي هذه...
ما أدري والله لماذا ما تملّكت دمع عيني وأنا أقرأ في أحداث الموقف.. لا أدري هل هي دموع الصدمة بمثل هذا المنكر العظيم الذي ترتجّ له السماوات والأرض؟!
أم هي دموع الفرح بتوبتك وندمك واستيقاظك من غفلتك..؟!
ما أخالها - وربي - إلاّ دموع الفرح مشوبة ببعض دمعة عتاب..
أكتب إليك وأنا أجد نفسي أسعد ما أكون وأنا أزفّ إليك البشرى..
نعم إنها البشرى.. فأبشر.. أبشر
إنها بشرى ليست منّي..
ولا من والدتك..
ولا من خالتك..
ولا من ابن خالتك!!
إنما هي البشرى من الله الذي خلقك فسوّاك فعدلك..
يقول الله تعالى مبشّراً لك ولغيرك ممن يتوب: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)"
يا الله.. ما أعظمها من بشرى لك أيها التائب..
بالأمس فعلك كان سيئة ومنكراً عظيماً... وهو الآن بصدق توبتك أبدله الله حسنة يضاعفها كما يشاء والله أكرم وارحم..
لا.. وليس يغفرها ويضاعفها.. بل ويفرح بك ويضحك إليك...
الله الملك..
الله العظيم..
الله الجبار المتكبر..
يضحك إليك ويفرح بك..
تخيّل!!
نعم أخي تخيّل أن الله يفرح بك الآن ويضحك إليك لأنك أتيه خاضعاً منيباً تائباً!!
هنيئاً - وربي - لك هذه الفرحة وهذه البشرى!!
لقد تقلّبت في ذاكرتي الكلمات فتذكرت (أبا اليسر)!!
نعم تذكرته.. فهل تعرفه أنت؟!
تعال وتأمل معي قصته..
روى الإمام أبو جعفر بن جرير عن أبي اليسر (كعب بن عمرو الأنصاري) قال: أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمراً، فقلت: إن في البيت تمراً أجود من هذا، فدخلت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت عمر فسألته فقال: اتق اللّه واستر على نفسك، ولا تخبرنّ أحداً، فلم اصبر حتى أتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته فقال: "أخلفتَ رجلاً غازياً في سبيل اللّه في أهله بمثل هذا؟" حتى ظننت أني من أهل النار، حتى تمنيت أني أسلمت ساعتئذ"، فأطرق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ساعة، فنزل جبريل، فقال: أبو اليسر: فجئت فقرأ عليَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} فقال إنسان: يا رسول اللّه أله خاصة أم للناس عامة؟ قال: "للناس عامة"
للناس عامة..
للناس عامة..
إن الحسنات يُذهبن السيئات.. إن الحسنات يُذهبن السيئات!!
فأبشر أخي ولا تيأس.. واحمد الله عز وجل أن أعطاك فرصة ليحيا قلبك وتتنبه من غفلتك وتعود إلى ربك الذي يفرح بتوبتك ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.

أيها التائب يا حبيب الرحمن اسمح لي أن أهمس لك بهذه النصائح:

- قم الآن الآن واجلس عند قدمي والدتك بلا خجل ولا تردد وقل: (يا أماه سامحيني واستري على ابنك) (يا أماه والله إني أتوب لله علاّم الغيوب) وقم وقبّل يديها وقدميها ورأسها واطلب منها الستر والسماح وبالغ في البرّ بها فيما تبقى من عمرك.

- أكثر أخي من عمل الصالحات خاصة في خلوتك بنفسك قم لله مصليا باكياً.. قم ذاكراً قارئاً للقرآن.. قم مسبّحاً مستغفراً ولا يفتر لسانك عن قول: رب اغفر لي رب اغفر لي.. يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
تصدّق من مالك..
تصدّق بنصحك وتوجيهك لغيرك بالخير..
تصدّق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
تصدّق حتى بابتسامتك في وجه إخوانك ومعلميك..
ثق تماماً أن الأعمال الصالحة هي مكفرات للذنوب ويكون العمل الصالح أبلغ في تكفير الذنب إذا كان في نقيض جنس الذنب..
فمثل ذنبك نقيضه من العمل الصالح هو الاجتهاد بصيام النوافل والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- إيّاك إيّاك والخلوة بابن خالتك أو بغيره من المردان، وجاهد نفسك على غض البصر حتى عن بعض محارمك ممن تعرف أنه ربما يفتنك النظر إليه.

- الزم رفقة صالحة ناصحة، ولا تفارق مجالسهم.

- لو استطعت أن تقوم في آخر الأسبوع برحلة (عمرة) إلى البيت العتيق لتسكب عبراتك عند الملتزم وتقول ربِ عبدك أتاك خاضعاً ذليلاً فاقبله تائباً..

- استر على نفسك ولا تحدّث أحداً بما حصل منك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرون" أي: الذين يجاهرون بمعاصيهم..

- كن واقعياً عملياً في حياتك ولا يكن هذا الذنب عائقاً أمامك من أن تنجز أو تعمل أشغل نفسك بما يفيدك كالالتحاق بتحفيظ للقرآن أو الاشتراك ببعض الدورات المهمّة أو حضور مجالس الذّكر، أو نحو ذلك.

- استغل هذا الموقف الذي حصل لك لتنمّي في قلبك وازع عظمة الله ومراقبته وأنه مهما حاول العبد أن يستخفي عن عيون الناس فإن عين الله تراه، وان الله جل وتعالى قادر على أن يفضح من شاء حتى لو بلغ جحر ضب!!

- إن كان الأمر وصل إلى خالتك وعلمت به فاذهب إليها وقبل رأسها ويديها واستسمح منها، واخبرها بأنك تائب نادم.

- أبداً لا تيأس مهما بلغت ذنوبك واسمع بقلبك إلى نداء ربك وهو يقول في الحديث القدسي: "يا ابن آدم, إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء, ثم استغفرتني, غفرت لك, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا, ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا, لأتيتك بقرابها مغفرة."
كلما وقع منك ذنب عاود التوبة والندم واعزم واصدق مع الله، فإن الله إذا علم منك صدق توبتك فرح بك وضحك إليك، وإذا ضحك الله إليك وفرح بك يسّر لك أمرك وطهّر قلبك..

اللهم ربِّ اغفر لأخي واقبل توبته وأهدِ قلبه ويسر أمره وفرّج همّه واجعله من مفاتيح الخير الذين يتمسكون بهدي كتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويدعو إلى ذلك.. اللهم آمين.

04-02-2010

استشارات اخرى ضمن استشارات التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني