من فتن الشبكة

 

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم أنا شخص أعمل سكرتير شخصي لأحد الدعاة العاملين في التربية والدعوة وله جهود دعوية ليس في حيه ولا في مدينته ولا في بلدة بل جهوده الدعوية على مستوى العالم الإسلامي والدولي منذ عشر سنوات تقريباً وحتى الآن. ومنذ فترة اكتشفت عن طريق الصدفة أثناء صيانة الحاسب الآلي الخاص بالداعية وجدت بعض الملفات المحفوظة لبعض المواقع الإباحية، ففوجئت وقمت بإزالتها فوراً، ثم وضعت كلمة مرور خاصة للدخول للحاسب الآلي، ظناً مني أن هناك شخصاً آخر يتصفح الإنترنت غير هذا الداعية. وكلمة المرور تلك لا يعرفها سواي أنا والداعية فقط. وبعد فترة فوجئت مرة أخرى وجود ملفات إباحية جديدة. وأيقنت عند ذلك أن الداعية هو الذي كان يتصفح تلك المواقع وذلك عن طريق التاريخ اليومي والساعة الزمنية التي تم فيها الدخول إلى تلك المواقع. وفي الحقيقة أنني في حيرة من أمري، فكون أن أواجه هذا الداعية مواجه مباشرة فهذا ضربٌ من المحال. لذا آمال أن تفيدوني بطريقة أستطيع من خلالها نصحه وتذكيره. وجزاكم الله خيرا.

03-02-2010

الإجابة

الأخ الفاضل /.....

بارك الله فيك ونفع بك وزادك حرصاً على الخير..
بداية أخي الكريم..
لابد أن نعي في هذه المشكلة قضايا مهمّة:

الأولى: أن الذنب والمعصية لا يسلم منها أحد من البشر مهما بلغت مكانته وعلمه - بل وورعه - إلاّ من عصمه الله تعالى فلئن كنّا نقرأ في الصحاح عن بعض أخيار الأمة بعد الأنبياء أنه كانت تقع منهم معاصي ومخالفات أفلا يُقبل ذلك في حق علمائنا ودعاتنا سيما في زمن بعُد عن زمن النبوة بأكثر من أربعة عشر قرناً؟!

الثانية: أن الخطأ من الإنسان العظيم يعتبر عظيماً في حق مثله لكن ليس هناك تلازم بين الخطأ وبين أن نسلبه مكانته بسبب ذنبه وخطأه، وذلك أن الخطأ والذنب قدر محتوم، مأمور فيه كل مسلم بالمدافعة والمجاهدة قبل وقوعه، والاستغفار والتوبة عند وقوعه وحصوله.

الثالثة: الذنب والخطأ الخاص الذي لا يتعدّى ضرره ذات العاصي أهون شرّاً وفساداً من الخطأ العام الذي يتعدّى ضرره إلى الآخرين.

الرابعة: أن الذي يستتر بمعصيته وذنبه أقرب إلى التوبة والصلاح من الذي يجاهر بذنبه ومعصيته، بل إن بعض السلف يرى أن الاستتار بالمعصية وعدم المجاهرة بها مما يؤجر عليه الإنسان لأنه مأمور بالاستتار في حال غلبة النفس والهوى والشهوة.

الخامسة: أن داء الغريزة والشهوة من الأدواء التي يشتدّ فيها داعي النفس والهوى والشيطان ومما تطلبه النفس وتألفه وهذا ناشئٌ عن طبيعة الضعف البشري الذي أخبر الله تعالى عنه بقوله: "وخلق الإنسان ضعيفاً" قال بعض السلف: ضعيفاً عند ذكر النساء.
وقال ابن القيم عند هذه الآية في سورة النساء "يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً" قال: لمّا كانت الشهوة غالبة لابد أن توجب ما يوجب التوبة كرر سبحانه وتعالى ذكر التوبة مرتين!!
المقصود أن التعامل في إصلاح الغرائز ليس كالتعامل في إصلاح بعض الهفوات!!
فالأمر يحتاج إلى واقعيّة معينة وتعامل معين للخروج من هذه المشكلة.

السادسة: أن معنى الإصلاح لا يتحقق بتتبع العورات ورصد الحركات والبحث والتنقيب، لأن مثل هذه الأمور توغر الصّدر وتصيب الإنسان بصدمات قد لا يتوقعها بل ربما أصابته بإحباط أو تساهل في باب الذنب والمعصية طالما وأن مثل هؤلاء الرموز يقعون فيها!!
إن الإصلاح ينبغي أن يكون دائرا في محيط حسن الظن مع التخوّل بالتذكير والنصح والتوجيه، وإن من الخطأ أن نربط النصيحة والتوجيه الموعظة بحصول الخطأ أو باكتشافه، فالنصيحة أعظم من أن نقصرها في حالة أو جانب معيّن، فالداعية - عن غيره بالأخصّ - يحتاج إلى من يثبّته على الطريق ويناصحه ويذكّره بين الفينة والأخرى تثبيتاً له وإعانة له على مواجهة الشهوات.

السابعة: أن ميزان التفضيل والإجلال والجرح والتعديل ينبغي أن يكون متزناً في حسّ أهل الدعوة وطلاب العلم بصورة تتوافق مع طبيعة البشر من جهة ومع واقع المخطئ من جهة.
فإن من الناس من ينغمس خطأه وذنبه في بحر حسناته وإحسانه وخيره ودعوته، سيما إن كان خطأه مغموراً غير ظاهر للناس.
إننا نقرأ في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا اسمه عبد الله يلقب حمارا كان يضحك النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلد فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه فو الله ما علمت أنه يحب الله ورسوله".

إنني أيها الفضل الكريم حين أذكّر بمثل هذه القضايا فإني لا أذكّر بها تبريراً لفعل هذا الداعية ولا أقوله تهويناً لشأن المعصية إذ يكفي في شؤم المعصية أن الله سمّاها ووصفها بـ(المعصية) التي حقيقة معناها أنها خروج عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لكن إنما أذكر ذلك كتفسير لحقيقة مهمّة وفقه مهم نحتاج إليه وهو (فقه الذنوب) عندما ندركه بصورة صحيحة نستطيع حينها أن نتعامل بإيجابيّة وبحكمة ورويّة عند معالجة هذا الخطأ من غير تشنيع ولا تشميع على جهود خيرية ودعوية لأكثر من عشر سنوات من جهة، ومن جهة أخرى حتى لا نصاب بالإحباط واليأس والذهول الذي ربما يفقدنا واقعيّة التعامل مع أخطاء الكبار من الناس -وأعني بهم رموز الخير والدعوة والإصلاح-.

طالما يا أخي الكريم أنك قد وقعت على هذا الأمر وتحرّكت فيك جذوة الخير والحرقة والحرص والإشفاق فإني ناصح لك فارعني منك وقتاً ونفساً طيبة:

- قدّم أولاً حسن الظن، فلربما أن مثل هذه المواقع تكون فُتحت عرضاً كدعاية لإعلان أو نحو ذلك سيما وأن مستخدم الشبكة المعلوماتية قد لا يسلم من مثل هذه الدعايات المخلّة بالأدب.

- ليبق هذا الأمر في دائرة السرّ والكتمان وعدم الإذاعة والإشاعة به؛ فإننا مأمورون بالستر وحفظ العورات. فلربما أن كشف المستور قد يهدّم بنيان هذه السنوات العشر من العمل الخيري المتواصل.

- لا تحاول مرة أخرى أن تتبع وتبحث وتنقّب في الجهاز، لأن هذا التتبع ربما يفسده أو يفسدك إضافة إلى أن التتبع أمر مذموم شرعاً سيما إذا كان لا يثمر موقفاً إصلاحيّاً إيجابياً.

- جيد لو أنك قمت بتحميل البرنامج الخاص بحجب المواقع الإباحية وتنصيبه على جهاز الحاسب.
هذا البرنامج تجده على الرابط التالي:

http://www.islamway.com/arabic/qadiyyah/block/weblock.exe

طريقة شرح البرنامج
http://www.aroona.ws/upload/wall/webB.zip


- طالما وأن هذا الداعية - الموفق إن شاء الله - يتعامل مع الشبكة فلا بأس أن تكتب له رسالة عبر البريد الالكتروني على صيغة سؤال تصوغه في معالجة مشكلة كهذه وتنتظر منه الرد وليكن بريدك مجهولاً لا يعلمه الشيخ.

- اقترح عليه أن يكتب موضوعا أو يلقي محاضرة تحت عنوان (شهوات الصالحين) واعرض عليه بعض عناصرها المقترحة واطلب رأيه في ذلك، وضمّن العناصر بعض مقصدك ومطلوبك.

- لا بأس أن تزوّده ما بين فترة وأخرى ببعض القصص والوقائع والأحداث لأشخاص انجرفوا مع الشهوة من خلال هذه الشبكة فتبدّلت أحوالهم وغار نجمهم وخفت ضوءهم بسبب الاستجابة لهوى النفس وشهواتها.

- هناك بعض خلفيات سطح المكتب المناسبة في التذكير لو تضعها كخلفيات على سطح المكتب كنوع من التذكير كعبارة (لا تجعل الله أهون الناظرين إليك) و حديث (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) ونحو ذلك.
كما أن هناك برنامجاً اسمه (منبه الذاكرين) يقوم البرنامج بالتذكير والتسبيح والتحميد والتهليل صوتياً، وهذه طريقة غير مباشرة بالتذكير تجعل المتصفح يعيش مع ذكر الله عز وجل وتسبيحه مما يكون واقياً بإذن الله من التجرؤ على المعصية، هذا البرنامج تجده على الرابط التالي:

http://www.freehomepages.com/thaker/index

- إذا كنت تعرف بعض المنتديات التي يتصفّحها هذا الداعية بكثرة حاول أن تكتب فيها قصّة تستوحيها من واقع الحال واطلب من الروّاد المشاركة بالتوجيه والتحليل..

هذه أخيّ بعض الطرق والوسائل التي تستطيع أن تقوم بها كتصرّف إيجابي في الإصلاح وذلك من غير مواجهة مباشرة مع هذا الداعية..

أسأل الله العظيم أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويثبّتنا على ذلك ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة.

03-02-2010

استشارات اخرى ضمن استشارات التربية الأسرية


 

دورات واعي الأسرية


 
 

إستطلاع الرأي المخصص لهذا اليوم!


هل ترى أهمية لحضور دورات عن العلاقة الخاصة بين الزوجين :

    
    
    
    
 

ناصح بلغة الأرقام


4008

الإستشارات

876

المقالات

35

المكتبة المرئية

24

المكتبة الصوتية

78

مكتبة الكتب

13

مكتبة الدورات

444

معرض الصور

84

الأخبار

 

إنضم إلى ناصح على شبكات التواصل الإجتماعي


 

حمل تطبيق ناصح على الهواتف الذكية


 

إنضم إلى قائمة ناصح البريدية


ليصلك جديدنا من فضلك أكتب بريدك الإلكتروني